سنرجع يوما ...ج2
مرسل: 27 يوليو 2010, 2:20 pm
في الخارج توقفت سيارة عسكرية كانت تقل الشباب الذين عادوا للتو من جولتهم الاستطلاعية و ها هم ينزلون من السيارة فيتجه كل من ايلي ، لؤي ،رائد و عماد إلى داخل المكتب في حين تتأخر مريم في اللحاق بهم و تتجه إلى مكان آخر ...
و بمجرد دخولهم إلى المكتب تقع عينا لؤي على قصي و هو غير مصدق لما يرى فيقول في دهشة تملؤها الفرحة : غير ممكن قصي هنا ..حمدا لله على سلامتك ..
وهنا يقوم قصي من مكانه حتى يسلم على رفاقه الذين غاب عنهم لمدة معتبرة في حين يداعب رائد قصيا قائلا : ظننت بأني قد تخلصت منك و للأبد و لكن ها أنت تعود من جديد [/
يضحك قصي ويرد بلهجة يملؤها الإصرار و كأنه يود إيصال رسالة معينة لشخص معين : نعم قد عدت و دون أن أفكر في الرحيل ثانية ...
تقابل هاته الكلمات ذات الرسائل المشفرة ابتسامة من أبو محمد مفادها أن الرسالة قد وصلت ..
أما عماد شديد القرب من قصي و المشتاق له كثيرا فمازال مبهورا بالمفاجئة التي عقدت لسانه فلا يجد إلا أن يجري باتجاه قصيا معانقا إياه
عماد:كيف حالك ؟ لقد اشتقت إليك كثيرا...ثم ينتبه إلى ايلي فيقول : أنت لا تعرف ايلي ..لم يسبق و أن التقيتما..أليس كذلك؟
ايلي: أظن أننا التقينا مرة واحدة ...كان أول يوم لي هنا في حين كان هو راحل ...
نعم ..منذ سنتين كان قصي جزء لا يتجزأ من هاته المجموعة ، كانت له كلمته المسموعة و دوره الفعال ..و رغم ذلك كان يحس نفسه مكبلا و مقيدا بهجمات منسقة و مخططات تسبق كل هجمة و استراتيجيات لابد من إتباعها، احترامها و العمل بها، إضافة إلى أوامر من قائد لابد من احترامه ، إطاعته و الامتثال لتلك الأوامر التي يصدرها في حين كان هو بعشق الحرية و يرغب دائما في تنفيذ ما يمليه عليه عقله و ما تدفعه إليه حماسته و لأنه كان يحب أبا محمد و يحترمه كثيرا فقد قرر الرحيل بدلا من أن يدخل معه في نقاشات و نزاعات...
فحتى وان كان أمر المؤمنين شورى بينهم إلا أنه هناك قرارات لابد أن تصدر من رجل واحد عليه أن يحسم في المواقف التي لا تتقبل الجدل و النقاش ...فالمركب لا يسع إلا ربانا واحدا و إلا فإنه لا محال سيغرق، فقد تتشابه الأدوار في هذا المكان إلا أنه لا يصح و لا يصلح إلا أن يقوم كل بدوره ...
أما اليوم فها هو يعود بنفسية جديدة ، ربما مل من تجربته التي خاضها هائما بلا وجهة أو طريق واضح و ربما لأن لا خيار آخر أمامه سوى الانضمام إلى جماعة أبو محمد أم أنه الحنين إلى أشياء كنا نملكها و نعيشها في الماضي ، حتى و إن كنا نظنها مزعجة أو لا تلائمنا إلا أننا نفتقدها و نحن إليها عندما نفقدها ..فها هو يعود إلى مكان كان قد بدأ منه تحقيق الحلم ...نعم حلم فهو مثل جميع رفقائه يرى في الجهاد الحلم الذي سيتحقق به النصر...
و بعودة إلى الواقع يتذكر قصي ايلي الذي صادف يوم انضمامه إلى جماعة أبو محمد رحيل قصي منها فيقول:
قصي: نعم ..قد تذكرتك أنت لبناني أليس كذلك؟
فيرد ايلي : نعم أنا من لبنان
قصي : أهلا بك ..ثم يستدير إلى زملائه قائلا كيف حالكم جميعا ..و بلهجة حماسية أود أن أعرف كل شيء ...
في الوقت الذي انسجم فيه الجميع بالحديث إلى قصي و وسط أصوات عالية و ضحكات و دعابات .. تدخل مريم مستغربة من هذا الجو وسببه فقد كانت معهم للتو ولم يحدث ما يستحق كل هذه الضجة أم أن عند أبو محمد الجديد؟ تدخل مريم و تتجه مباشرة إلى باسل بغية الاطمئنان على صحته ..أما قصي فقد انتبه لوجودها و هيئتها العسكرية و السلاح الذي تحمله فيهمس في أذن عماد :عماد ..من فعلها و تزوج؟
فيرد عماد بروح الدعابة المعروف بها و ذلك بعد ألقى بنظرة على مريم : لا تخف لم يسبقك أحد
مازال قصي مستغرب من وجود مريم فيتجه إلى أبو محمد و يسأله : من هذه أيها القائد ؟
ينظر أبو محمد في مريم ثم يدعوها إلى الانضمام إليهم
القائد : مريم تعالي من فضلك ...
تتجه مريم باتجاه أبو محمد و قصي و هي فتاة على قدر من الجمال تلف شعرها الحريري الأسود بطريقة بسيطة و بعينيها السوداوين الجميلتين ذات الأهداب الطويلة ترمق قصي بنظرة خاطفة، أما هو فقد اهتز لهاته النظرة و أغمض عينيه لبرهة و أخذ نفسا عميقا و أدار وجهه إلى الناحية الأخرى و كأنه يخشى شيئا ما ، ثم وكأنه يستجمع قواه ينظر إليها مرة أخرى فيحس براحة غريبة، راحة لن تدوم طويلا...
القائد : مريم يسعدني أن أعرفك على زينة شبابنا قصي ....
ثم ينظر في قصي قائلا هذه مريم يا قصي“ و بلهجة فلسطينية" : “أخت رجال"
لا تكترث مريم لقصي و ترد دون أي ابتسامة: أهلا بك معنا
أما قصي فيستغرب لهاته المعاملة و لا يعجب بسلوك مريم اتجاهه و تغيظه كلماتها و كأنه انضم إليهم حديثا و قد يعود غيظه هذا إلى أنه قد تعود على أن يكون دائما ملفتا للانتباه و أن توجه له أعذب الكلمات و كل عبارات الثناء و المدح، غير أن مريم غير مجبرة على ذلك كونها بالكاد تعرفه .
و لهذا يرد قصي بحدة قائلا: أعتقد أنه أنا من يجب أن يرحب بك معنا ...
تستغرب مريم لكلام قصي و هنا يتدخل عماد في ظل صمت أبو محمد
عماد : مريم ..قصي كان هنا مع القائد منذ تأسيس هذه الجماعة و لكن لظروف معينة رحل و ها هو يعود اليوم
تجلس مريم على الكرسي دون أن تبدي أي اهتمام لما سمعته لكنها تقول في هدوء : إذن لم أخطئ حين رحبت به ...فأهلا به معنا من جديد
و هنا يزداد غيظ قصي و يمشي بعض الخطوات آخذا معه عماد و يسأله :قلي من تكون هاته الفتاة ؟
عماد : هي فتاة ذكية ، طموحة و جريحة ، تحلم نفس حلمك و حلمي و هي متواجدة معنا بغية تحقيقه و غير ذلك أمامك القائد أو مريم ذاتها يمكن لك أن تسألها من تكون
و الأكيد أن قصي لم يكتفي بهاته الإجابة التي يراها غامضة و لم تجب أبدا عن تساؤلاته ...
و في الجهة الأخرى كان أبو محمد يدردش مع مريم و يسألها عن صحة باسل المريض بالفشل الكلوي و المحتاج إلى العلاج الدائم أو إلى عملية تزيل آلامه و تفضي كليا على مشكلته الصحية .
القائد : كيف هو باسل رأيتك تسألين عنه ؟
مريم : نعم قد كان يعاني في الصباح من بعض الآلام لذلك خفت عليه
القائد: لم يقل لي أنه كان يعاني من الألم ... هل تبقى له الدواء؟
مريم :نعم ..و غدا بإذن الله موعده مع العلاج في المستشفى
تسكت مريم و في عينيها حديث و تساؤلات يقرؤها أبو محمد دون أن يجيبها إلى أن تفصح عنها قائلة
مريم: قلي أيها القائد ..من يكون قصي هذا؟
يبتسم أبو محمد الذي كان يعرف السؤال قبل أن تطرحه ، ثم يمعن النظر في قصي و هو يقول : قلت لك أنه زينة الشباب و سأزيدك بأن أقول أنه أكفئ عنصر من عناصري ..أكثرهم حماسة ، اندفاع و غيرة على الوطن ..شجاع و... طيب
تستغرب مريم كل هذا المدح فلم يسبق لها و أن سمعت أبا محمد يثني كل هذا الثناء على أحدهم و تقول : كل هذا!
فيجيبها القائد: نعم
يقوم أبو محمد من كرسيه و يطلب من رائد مرافقته
القائد : رائد هيا بنا
و هنا يتجه قصي باتجاه أبو محمدا قائلا : إلى أين ؟يمكنني أن أوصلك إلى أي مكان
: لا يا قصي أنت بالكاد وصلت سأدعك ترتاح الليلة
يبتسم قصي قائلا : منذ متى نرتاح أيها القائد
القائد : لا بأس يا قصي و لكن الليلة سأعفيك من أي عمل و إن كان أمامك مهمة صعبة
كان يقصد بالتأكيد مهمة قصي في استمالة مريم و كسب ثقتها
و بالفعل ينطلق أبو محمد مع رائد و ينشغل الباقون بباسل ، أما قصي فمازال مشغولا بمريم معتبرا إياها لغزا و عليه حله و لأجل ذلك يتجه مباشرة إلى حيث هي و يجلس على الكرسي المقابل لكرسيها و هنا يلاحظ قصي ما يزيد فضوله ، فقد كانت مريم ترتدي خاتمي زواج فيتساءل في نفسه هل هي متزوجة ؟ و إن كانت كذلك لماذا تضع خاتمين بدلا من خاتم واحد ؟ و لأن الفضول سيقتله يتنازل أخيرا و يوجه لها بعضا من كلماته
قصي : مريم ..أتسمحين لي أناديك مريم ...
ترد مريم بلهجة استفزازية : من المفروض أن اسمي مريم ، إذن الجميع يناديني باسمي و لا أظن أنك تريد أن تكون مختلفا عن الآخرين
قصي متذمر و يحاول إخفاء تذمره : بالتأكيد لا أود ذلك ..ثم بتردد : منذ متى انضممت إلى جماعتنا ؟
مريم : منذ سنة و نصف..هل هناك أسئلة أخرى ؟
قصي : لا و لكن واضح من لهجتك أنك لست فلسطينية ....
مريم: أ هذا سؤال أم استنتاج ؟ على العموم أنت أيضا واضح جدا من لهجتك أنك لست من هنا ؟
يبدو أن صبر قصي قد نفذ و لذلك يرد بلهجة حادة: صحيح أنا لست من هنا ..و لكن رغم أنني لست فلسطيني إلا أنني أحس بأنني ولدت على هذه الأرض ، استنشقت هواءها ، لعبت في تراها و أتمنى لو أموت فداها
يقوم قصي من مكانه و يمشي بعض الخطوات ثم و كأنه تذكر شيئا فيعود و يقول
قصي: و على الرغم من كل هذا لم أنسى بعد أنني ابن سوريا ، حبها ينبض في قلبي و دماها تجري في الوريد ، و كما أحلم بالاستشهاد على هاته الأرض المقدسة فإنني أحلم أيضا بالعودة في يوم من الأيام إلى بلدي الغالي و أراه و لو للحظة واحدة حتى و إن كانت آخر مرة...و لكنني أسألك أنت هل لازلت تتذكرين من أين أنت ؟ أو حتى من أنت ؟ ..لا أظن ذلك....
يخرج قصي إلى الخارج و يترك مريم متسمرة في مكانها فقد وقعت كلماته عليها كالسهم الخاطف الفائق السرعة و شديد الألم ، أخذتها كلماته إلى حقيقتها التي لم تنسها و لو لبرهة و لكن آلام الماضي و جروحه قد تدفع بنا إلى اختيار حياة أخرى قد تساعدنا ، ليس على النسيان و إنما على الاستمرار ......
إلى اللقاء في الجزء القادم
و بمجرد دخولهم إلى المكتب تقع عينا لؤي على قصي و هو غير مصدق لما يرى فيقول في دهشة تملؤها الفرحة : غير ممكن قصي هنا ..حمدا لله على سلامتك ..
وهنا يقوم قصي من مكانه حتى يسلم على رفاقه الذين غاب عنهم لمدة معتبرة في حين يداعب رائد قصيا قائلا : ظننت بأني قد تخلصت منك و للأبد و لكن ها أنت تعود من جديد [/
يضحك قصي ويرد بلهجة يملؤها الإصرار و كأنه يود إيصال رسالة معينة لشخص معين : نعم قد عدت و دون أن أفكر في الرحيل ثانية ...
تقابل هاته الكلمات ذات الرسائل المشفرة ابتسامة من أبو محمد مفادها أن الرسالة قد وصلت ..
أما عماد شديد القرب من قصي و المشتاق له كثيرا فمازال مبهورا بالمفاجئة التي عقدت لسانه فلا يجد إلا أن يجري باتجاه قصيا معانقا إياه
عماد:كيف حالك ؟ لقد اشتقت إليك كثيرا...ثم ينتبه إلى ايلي فيقول : أنت لا تعرف ايلي ..لم يسبق و أن التقيتما..أليس كذلك؟
ايلي: أظن أننا التقينا مرة واحدة ...كان أول يوم لي هنا في حين كان هو راحل ...
نعم ..منذ سنتين كان قصي جزء لا يتجزأ من هاته المجموعة ، كانت له كلمته المسموعة و دوره الفعال ..و رغم ذلك كان يحس نفسه مكبلا و مقيدا بهجمات منسقة و مخططات تسبق كل هجمة و استراتيجيات لابد من إتباعها، احترامها و العمل بها، إضافة إلى أوامر من قائد لابد من احترامه ، إطاعته و الامتثال لتلك الأوامر التي يصدرها في حين كان هو بعشق الحرية و يرغب دائما في تنفيذ ما يمليه عليه عقله و ما تدفعه إليه حماسته و لأنه كان يحب أبا محمد و يحترمه كثيرا فقد قرر الرحيل بدلا من أن يدخل معه في نقاشات و نزاعات...
فحتى وان كان أمر المؤمنين شورى بينهم إلا أنه هناك قرارات لابد أن تصدر من رجل واحد عليه أن يحسم في المواقف التي لا تتقبل الجدل و النقاش ...فالمركب لا يسع إلا ربانا واحدا و إلا فإنه لا محال سيغرق، فقد تتشابه الأدوار في هذا المكان إلا أنه لا يصح و لا يصلح إلا أن يقوم كل بدوره ...
أما اليوم فها هو يعود بنفسية جديدة ، ربما مل من تجربته التي خاضها هائما بلا وجهة أو طريق واضح و ربما لأن لا خيار آخر أمامه سوى الانضمام إلى جماعة أبو محمد أم أنه الحنين إلى أشياء كنا نملكها و نعيشها في الماضي ، حتى و إن كنا نظنها مزعجة أو لا تلائمنا إلا أننا نفتقدها و نحن إليها عندما نفقدها ..فها هو يعود إلى مكان كان قد بدأ منه تحقيق الحلم ...نعم حلم فهو مثل جميع رفقائه يرى في الجهاد الحلم الذي سيتحقق به النصر...
و بعودة إلى الواقع يتذكر قصي ايلي الذي صادف يوم انضمامه إلى جماعة أبو محمد رحيل قصي منها فيقول:
قصي: نعم ..قد تذكرتك أنت لبناني أليس كذلك؟
فيرد ايلي : نعم أنا من لبنان
قصي : أهلا بك ..ثم يستدير إلى زملائه قائلا كيف حالكم جميعا ..و بلهجة حماسية أود أن أعرف كل شيء ...
في الوقت الذي انسجم فيه الجميع بالحديث إلى قصي و وسط أصوات عالية و ضحكات و دعابات .. تدخل مريم مستغربة من هذا الجو وسببه فقد كانت معهم للتو ولم يحدث ما يستحق كل هذه الضجة أم أن عند أبو محمد الجديد؟ تدخل مريم و تتجه مباشرة إلى باسل بغية الاطمئنان على صحته ..أما قصي فقد انتبه لوجودها و هيئتها العسكرية و السلاح الذي تحمله فيهمس في أذن عماد :عماد ..من فعلها و تزوج؟
فيرد عماد بروح الدعابة المعروف بها و ذلك بعد ألقى بنظرة على مريم : لا تخف لم يسبقك أحد
مازال قصي مستغرب من وجود مريم فيتجه إلى أبو محمد و يسأله : من هذه أيها القائد ؟
ينظر أبو محمد في مريم ثم يدعوها إلى الانضمام إليهم
القائد : مريم تعالي من فضلك ...
تتجه مريم باتجاه أبو محمد و قصي و هي فتاة على قدر من الجمال تلف شعرها الحريري الأسود بطريقة بسيطة و بعينيها السوداوين الجميلتين ذات الأهداب الطويلة ترمق قصي بنظرة خاطفة، أما هو فقد اهتز لهاته النظرة و أغمض عينيه لبرهة و أخذ نفسا عميقا و أدار وجهه إلى الناحية الأخرى و كأنه يخشى شيئا ما ، ثم وكأنه يستجمع قواه ينظر إليها مرة أخرى فيحس براحة غريبة، راحة لن تدوم طويلا...
القائد : مريم يسعدني أن أعرفك على زينة شبابنا قصي ....
ثم ينظر في قصي قائلا هذه مريم يا قصي“ و بلهجة فلسطينية" : “أخت رجال"
لا تكترث مريم لقصي و ترد دون أي ابتسامة: أهلا بك معنا
أما قصي فيستغرب لهاته المعاملة و لا يعجب بسلوك مريم اتجاهه و تغيظه كلماتها و كأنه انضم إليهم حديثا و قد يعود غيظه هذا إلى أنه قد تعود على أن يكون دائما ملفتا للانتباه و أن توجه له أعذب الكلمات و كل عبارات الثناء و المدح، غير أن مريم غير مجبرة على ذلك كونها بالكاد تعرفه .
و لهذا يرد قصي بحدة قائلا: أعتقد أنه أنا من يجب أن يرحب بك معنا ...
تستغرب مريم لكلام قصي و هنا يتدخل عماد في ظل صمت أبو محمد
عماد : مريم ..قصي كان هنا مع القائد منذ تأسيس هذه الجماعة و لكن لظروف معينة رحل و ها هو يعود اليوم
تجلس مريم على الكرسي دون أن تبدي أي اهتمام لما سمعته لكنها تقول في هدوء : إذن لم أخطئ حين رحبت به ...فأهلا به معنا من جديد
و هنا يزداد غيظ قصي و يمشي بعض الخطوات آخذا معه عماد و يسأله :قلي من تكون هاته الفتاة ؟
عماد : هي فتاة ذكية ، طموحة و جريحة ، تحلم نفس حلمك و حلمي و هي متواجدة معنا بغية تحقيقه و غير ذلك أمامك القائد أو مريم ذاتها يمكن لك أن تسألها من تكون
و الأكيد أن قصي لم يكتفي بهاته الإجابة التي يراها غامضة و لم تجب أبدا عن تساؤلاته ...
و في الجهة الأخرى كان أبو محمد يدردش مع مريم و يسألها عن صحة باسل المريض بالفشل الكلوي و المحتاج إلى العلاج الدائم أو إلى عملية تزيل آلامه و تفضي كليا على مشكلته الصحية .
القائد : كيف هو باسل رأيتك تسألين عنه ؟
مريم : نعم قد كان يعاني في الصباح من بعض الآلام لذلك خفت عليه
القائد: لم يقل لي أنه كان يعاني من الألم ... هل تبقى له الدواء؟
مريم :نعم ..و غدا بإذن الله موعده مع العلاج في المستشفى
تسكت مريم و في عينيها حديث و تساؤلات يقرؤها أبو محمد دون أن يجيبها إلى أن تفصح عنها قائلة
مريم: قلي أيها القائد ..من يكون قصي هذا؟
يبتسم أبو محمد الذي كان يعرف السؤال قبل أن تطرحه ، ثم يمعن النظر في قصي و هو يقول : قلت لك أنه زينة الشباب و سأزيدك بأن أقول أنه أكفئ عنصر من عناصري ..أكثرهم حماسة ، اندفاع و غيرة على الوطن ..شجاع و... طيب
تستغرب مريم كل هذا المدح فلم يسبق لها و أن سمعت أبا محمد يثني كل هذا الثناء على أحدهم و تقول : كل هذا!
فيجيبها القائد: نعم
يقوم أبو محمد من كرسيه و يطلب من رائد مرافقته
القائد : رائد هيا بنا
و هنا يتجه قصي باتجاه أبو محمدا قائلا : إلى أين ؟يمكنني أن أوصلك إلى أي مكان
: لا يا قصي أنت بالكاد وصلت سأدعك ترتاح الليلة
يبتسم قصي قائلا : منذ متى نرتاح أيها القائد
القائد : لا بأس يا قصي و لكن الليلة سأعفيك من أي عمل و إن كان أمامك مهمة صعبة
كان يقصد بالتأكيد مهمة قصي في استمالة مريم و كسب ثقتها
و بالفعل ينطلق أبو محمد مع رائد و ينشغل الباقون بباسل ، أما قصي فمازال مشغولا بمريم معتبرا إياها لغزا و عليه حله و لأجل ذلك يتجه مباشرة إلى حيث هي و يجلس على الكرسي المقابل لكرسيها و هنا يلاحظ قصي ما يزيد فضوله ، فقد كانت مريم ترتدي خاتمي زواج فيتساءل في نفسه هل هي متزوجة ؟ و إن كانت كذلك لماذا تضع خاتمين بدلا من خاتم واحد ؟ و لأن الفضول سيقتله يتنازل أخيرا و يوجه لها بعضا من كلماته
قصي : مريم ..أتسمحين لي أناديك مريم ...
ترد مريم بلهجة استفزازية : من المفروض أن اسمي مريم ، إذن الجميع يناديني باسمي و لا أظن أنك تريد أن تكون مختلفا عن الآخرين
قصي متذمر و يحاول إخفاء تذمره : بالتأكيد لا أود ذلك ..ثم بتردد : منذ متى انضممت إلى جماعتنا ؟
مريم : منذ سنة و نصف..هل هناك أسئلة أخرى ؟
قصي : لا و لكن واضح من لهجتك أنك لست فلسطينية ....
مريم: أ هذا سؤال أم استنتاج ؟ على العموم أنت أيضا واضح جدا من لهجتك أنك لست من هنا ؟
يبدو أن صبر قصي قد نفذ و لذلك يرد بلهجة حادة: صحيح أنا لست من هنا ..و لكن رغم أنني لست فلسطيني إلا أنني أحس بأنني ولدت على هذه الأرض ، استنشقت هواءها ، لعبت في تراها و أتمنى لو أموت فداها
يقوم قصي من مكانه و يمشي بعض الخطوات ثم و كأنه تذكر شيئا فيعود و يقول
قصي: و على الرغم من كل هذا لم أنسى بعد أنني ابن سوريا ، حبها ينبض في قلبي و دماها تجري في الوريد ، و كما أحلم بالاستشهاد على هاته الأرض المقدسة فإنني أحلم أيضا بالعودة في يوم من الأيام إلى بلدي الغالي و أراه و لو للحظة واحدة حتى و إن كانت آخر مرة...و لكنني أسألك أنت هل لازلت تتذكرين من أين أنت ؟ أو حتى من أنت ؟ ..لا أظن ذلك....
يخرج قصي إلى الخارج و يترك مريم متسمرة في مكانها فقد وقعت كلماته عليها كالسهم الخاطف الفائق السرعة و شديد الألم ، أخذتها كلماته إلى حقيقتها التي لم تنسها و لو لبرهة و لكن آلام الماضي و جروحه قد تدفع بنا إلى اختيار حياة أخرى قد تساعدنا ، ليس على النسيان و إنما على الاستمرار ......
إلى اللقاء في الجزء القادم