صفحة 1 من 1

الشهر العاشر, مقال, المركز الثانى: نهى العربى

مرسل: 15 أكتوبر 2009, 2:55 am
بواسطة نهي العربي
صورة
مسابقة الشهر العاشر - 2009

مجال المقال

المركز الثانى
(نهى العربى)

عن مقال
(هذه الثورة كما نراها و لا نعرفها)

***


نحن أبناء الثمانينات، ولدنا بعد ما اختفت الثورة و جاء الانفتاح الاقتصادي، جئنا بعد ما اختلفت الموازين و اضطربت، و تبدلت المعان، أتدري ماذا نعرف عن الثورة؟؟؟
بضع سطور قليلة لا توضح شيئا مما حدث، هكذا هي كتب التاريخ و دروسها المدرسية كما أرادت وزارة التربية و التعليم، أو كما أردات أن نفهم، المبادئ الستة التي حفظناها عن ظهر قلب، عبد الناصر رمز الحلم و الأمل و (أول) رئيس جمهورية حقيقي.... القائد و الزعيم و محررنا من سيطرة الأجانب و الأقطاع...
إعلاميا الأفلام و المسلسلات التي أرادت تسجيل أحداث الثورة، توضح قمة التناقض، لا تحمل بطيها مشاهدة منصفة لما حدث، فهي إما تغرقك في دنيا الاحلام و المدينة الفاضلة، فلا شئ سوي بطولة من قاموا بها، هؤلاء من تنزهوا عن أي نزعات بشرية تجعلك تشكك أحيانا في آدميتهم بتصرفاتهم النورانية، كفيلم ناصر56، و غيره، شئ يدعو للتعجب الانساني الطبيعي و المحتم...
و ما بين وجه قاس و مخيف يهدم المبادئ التي نادت بها الثورة من الأساس، كأفلام "احنا بتوع الاتوبيس" و "الكرنك"، فهي خطوة قام بها بضع ضباط الجيش لاصلاح اوضاعهم، فاوقعتهم الصدفة في ما تلي ذلك، و أوقعهم الكذب في التصديق، أن ما حدث هو من صنعهم، فتنامت أحلام السلطة و ظهرت الطبيعة البشرية الاستبدادية...
و من خلال كتب الدراسة و سيطرة الاعلام علي عقولنا، فان كل ما نعرفه عن الثورة، ستة مبادئ و فيلم أو أكثر مصاحب بموسيقي تصويرية رائعة و مؤثرة تواكب أهمية الحدث، إلا أن بعضنا لم يكتفي بذلك، و صار جيلنا يواجه في كل يوم آلاف الأسئلة التي تشكك و تتعرض لما حسبناه مسلما به، لتساورنا الشكوك حول حقيقة ما نعرف بالفعل...
و لتقرأ، لتقرأ لتبحث عن الحقيقة، لتكذب كل من يشكك في حريتنا التي اقتنصناها، لتقرأ لتجد أمامك آلاف الأسئلة غير المجابة، أسئلة قوامها خمسة و ستين عاما، أسئلة تجعلك تشكك في مبادئ الثورة ذاتها، حين تكفر بالاشخاص فتبدأ بالنظر للمبادئ، نظرة شك..
هل جمال عبد الناصر رمز الحلم و الحرية، هو ذاته الشخص الي امتلأت السجون في عصره بالمعتقلات و التعذيب، هل هؤلاء الضباط قاموا بتصحيح أوضاعهم و لم يكونوا يفكروا في شعب مصر الذي صاروا يتغنون به لاحقا؟، هل تنكروا لمحمد نجيب، و طمعوا في السلطة، لتتعري المبادئ اليوتوبية من ثوبها الابيض في أول مواجهة حقيقية لتنبئك بما سيحدث لاحقا..
وسط تلك التساؤلات تتنامي الحيرة، و نجد أنفسنا جيلا مفرغ من داخله، بلا تاريخ، بلا ماضي، بلا مستقبل...
و كأن ذاكرة شعبنا لا تتحمل أكثر من تاريخ شخص واحد فقط، فعند موته تموت مع الحقيقة، و تبرز المذكرات و التراهات محاولة لازالة القناع، فلا نحصل سوي علي مزيد من البلبلة، و لا يحصل أصحابها سوي علي مزيد من الشهرة الزائفة...
صدق إذن فاروق جويدة حين قال إن تاريخنا هو تاريخ أشخاص لا وطن، فيسهل فيه التحريف و التزوير و التأويل، و تساءل في كتابه "من يكتب تاريخ ثورة يوليو"، تساءل في فزع لضياع تاريخ هذا البلد ليتحول إلي بعض الذكريات المتناثرة في عقل هذا و ذاك تنتهي بانتهاء حياته، و يتبخر معها الحلم و الامل...
و يستمر البحث نحو الحقيقة فيما كتبه الاخرون، فتجد أن أنيس منصور في كتابه "عبد الناصر المفتري عليه و المفتري علينا"، يكاد يخرج من بين صفحاته ليقسم لك أنه يكره ناصر و سياسته الحمقاء التي جعلت كل من عاصر تلك الفترة، يحيا متلفتا في إنتظار زوار الفجر، و لم لا فقد تسبب في رفده و حبسه و انقطاعه عن الكتابة لفترة..
أما مذكرات خالد محيي الدين،"الآن أتكلم"، و التي تشعرك أنه يمتلك مفتاحا سحريا لحجرة الأسرار، لا تعدو كونها محاولة لتبرير الأخطاء و تبرئة نفسه شخصيا من أي شائعة أو اتهام قد يلحق بالضباط الاحرار..
و أثناء رحلتك لفهم التاريخ، لتحصن نفسك بحضارة تفخر بها، ليست حضارة الفراعنة، تجد الكثير من اللغط، و الاراء المتضاربة، يزيد من ذلك اختفاء الوثائق الرسمية و التي كانت كفيلة باخراس الألسنة و ايضاح الحقيقة كاملة...
و لا اخفي عليك سرا، فقد كرهت الثورة و رأيتها وهما، و كرهت كذبنا و تأليه كل من يحكمنا، أو يجعلنا نحصل علي أحد حقوقنا السوية، كرهت كذب و تعذيب أفضت اليه الثورة أو مهدت له الطريق..
ربما أصدق ما قرأت و صادف هوا في نفسي، هو تحليل الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، في كتابه "البحث عن ثورة"، استطاع بأسلوبه السلس و الرائع أن ينقد و بهدوء و روية ما حدث، و لماذا لم تتحقق الأهداف الست، الأخطاء التي حدثت و تكررت الآن، تري لماذا لا يدرس مثل هذا الكتاب في مدارسنا؟؟
لماذا نصر اصرارا شديدا أن نجعل من تاريخنا محض أحداث جافة لا تثير اهتمام أحد، غامض و مبهم ليجعلك ضعيف الثقافة تجاه ما قد تواجهه من تيارات سياسية أو ثقافية معادية؟؟
كم أتمني أن يحقق حلم فاروق جويدة بكتابة التاريخ، مرة أخري، بوضوح شديد، لنتعلم مما حدث، و نحصن أبناءنا من أي تيارات غربية مضللة، لنجعلهم يحتمون بمعرفتهم ضد أي شئ، لنجعلهم ينتمون مرة أخري لهذا البلد...
كفي شبابا دون تاريخ، دون مثل أعلي، دون وطن.

Re: الشهر العاشر, مقال, المركز الثانى: نهى العربى

مرسل: 16 أكتوبر 2009, 2:12 am
بواسطة السيد فهيم
الزميلة المبدعة نهي ... ألف مبروك فوزك بالمركز الثاني في المقال ... تستحقين عن جدارة ، فقد اخترت موضوعا شائكا للغاية يتحاشي الكثيرون الخوض فيه ... لكنها حياتنا ... و واقعنا الذي نحياه ... فنحن المؤرخ الحقيقي الذي يحق له تدوين التاريخ ، لا الساسة و تابعيهم ممن يفصلون الأحداث و يحيكون الأباطيل ... أحييك علي الموضوع المثمر والذي لا أستطيع أن أوفيه حقه في هذه العجالة .والي المزيد من التميز.
السيد فهيم

Re: الشهر العاشر, مقال, المركز الثانى: نهى العربى

مرسل: 17 أكتوبر 2009, 2:13 pm
بواسطة إيناس حليم
نهى
ده مش اول مقال أقراهولك ومتعودة على مستواكي العالي في الكتابة
الف مبروووك وبالتوفيق دايما ان شاء الله

Re: الشهر العاشر, مقال, المركز الثانى: نهى العربى

مرسل: 17 أكتوبر 2009, 7:15 pm
بواسطة rawan432
موضوع يحتمل الكثير من التساؤلات

تحياتى للك
ومبروك الفوز

Re: الشهر العاشر, مقال, المركز الثانى: نهى العربى

مرسل: 18 أكتوبر 2009, 9:42 pm
بواسطة محمد محمود
ألف مبروك يا نهى فوزك في المسابقة
ومبروك لنا انضمام زميلة متميزة مثلك لنا
سعدت كثيرا أن تكون أول مشاركة لك معنا من ضمن الأعمال الفائزة
وأتمنى أن تسعدي معنا في أكاديميتنا
لك مني كل التحية والتقدير