فى موقف المينى باص كنت أذرع رصيف المحطة جيئة وذهابا ، ونظراتى الى الأرض كعادتى دائما فى الانتظار . ورأيتها أكثر من مرة وقذفتها بقدمى أكثر من مرة أيضا كما يفعل الأطفال أو الكبار حين يجدوا الفرصة ليكونوا كذلك . . صفراء عجفاء عارية ذابلة ، كأنها تعرت منذ الأمس وقضت ليلتها هكذا ملقاه على الأرض فى البرد والتراب وتحت الأقدام . فى جسمها كثير من الحفر الصغيرة ، وعليه كثير من النتوءات أو الحبات الصغيرة أيضا تتناثر هنا وهناك بغير نظام .. حبات مثلها ذابلة ضامرة متآكلة صفراء برأس أسود ، منخورة بالنمل وأشياء أخرى ، كأنها بقايا أسنان فى فم عجوز . وفى الحفر تراب ، وعلى كثير من الجسم والحبات لون نعال الأحذية التى تدهسها وتشوطها فى كل الاتجاهات . انها واحدة من مخلفات الذره المشويه.. أو قلاحة ذره كما نطلق عليها .
000000
لم تكن فى مكانها على الأرض تثير اهتمام أو حتى انتباه أحد ، حتى ظهر بيننا فجأة صبى فى نحو العاشرةمن عمره .. قصير رفيع أسمر أجرب أشعث، كأنه قضى ليلته فى مقلب زباله أو هو أحد مخلفاته .. حافى القدمين ممزق الثياب واللحم الذى يظهر منها.. كئيب الملامح والنظرات لدرجة تجعل اكتئابك وصراخك وحتى انتحارك شيئا معقولا ومقبولا .. هو الآخر قلاحة ذره أو مخلفات انسان !
لم ينظر الينا أو يمد يده لاحد يتسول منه كما تفعل المخلفات أمثاله ، انما ركز نظراته على نفسه ، أقصد على قلاحة الذره التى نظرنا اليها نحن أيضا .. ثم فجأة انقض عليها بسرعة كأنه يخشى أن يسبقه أحد إليها ، وبسرعة أيضا وضعها مستعرضة بين أسنانه وأخذ ينحتها أو يجرشها ، لتتساقط فى فمه حباتها الذابلة المتآكلة المنخورة بالنمل وأشياء أخرى ، وأيضا القش أو القشر المحيط بالحفر مغموسا بتراب الأرض والأحذية . وعندما أصبحت ملساء بين أسنانه ولا شئ يتساقط فى فمه ، ألقى بها على الأرض مرة أخرى ، واختفى من بيننا كما ظهر .. بسرعة ودون أن ينظر الينا أو يمد يده لاحد .
اللقطة لم تستغرق سوى دقائق ، ومع ذلك لم نستطع بعدها الا رفع أيدينا الى وجوهنا نخفى خجلنا، ونمسح ما تناثر عليها من بصقة مخلفات الإنسان على الإنسان فى زمن اللانسان .
000000
لم تكن فى مكانها على الأرض تثير اهتمام أو حتى انتباه أحد ، حتى ظهر بيننا فجأة صبى فى نحو العاشرةمن عمره .. قصير رفيع أسمر أجرب أشعث، كأنه قضى ليلته فى مقلب زباله أو هو أحد مخلفاته .. حافى القدمين ممزق الثياب واللحم الذى يظهر منها.. كئيب الملامح والنظرات لدرجة تجعل اكتئابك وصراخك وحتى انتحارك شيئا معقولا ومقبولا .. هو الآخر قلاحة ذره أو مخلفات انسان !
لم ينظر الينا أو يمد يده لاحد يتسول منه كما تفعل المخلفات أمثاله ، انما ركز نظراته على نفسه ، أقصد على قلاحة الذره التى نظرنا اليها نحن أيضا .. ثم فجأة انقض عليها بسرعة كأنه يخشى أن يسبقه أحد إليها ، وبسرعة أيضا وضعها مستعرضة بين أسنانه وأخذ ينحتها أو يجرشها ، لتتساقط فى فمه حباتها الذابلة المتآكلة المنخورة بالنمل وأشياء أخرى ، وأيضا القش أو القشر المحيط بالحفر مغموسا بتراب الأرض والأحذية . وعندما أصبحت ملساء بين أسنانه ولا شئ يتساقط فى فمه ، ألقى بها على الأرض مرة أخرى ، واختفى من بيننا كما ظهر .. بسرعة ودون أن ينظر الينا أو يمد يده لاحد .
اللقطة لم تستغرق سوى دقائق ، ومع ذلك لم نستطع بعدها الا رفع أيدينا الى وجوهنا نخفى خجلنا، ونمسح ما تناثر عليها من بصقة مخلفات الإنسان على الإنسان فى زمن اللانسان .