ليتني نملة!!

المشرفون: Ghadat2009،نبضة...

أضف رد جديد
رحاب صفا
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 265
اشترك في: 29 مارس 2009, 2:30 pm
Favorite Quote: إذا أردت شيئاً بشدة فتتبعه
اتصال:

ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة رحاب صفا »

شعر بالملل والرتابة يكادان يفتكان به...زفر زفرة ملتهبة كادت تفجر رئتيه.... دار برأسه في المكان والذي بدا خاوياً في عينيه رغم تناثر بعض الأشياء هنا وهناك... هز رأسه بعنف سريع كمن يحاول نفض شيئاً ما عن عقله...مال بجسده كله للأمام وأطرق ملياً شاخصاً بنظره نحو شيئاً ما ... خيل إليه أنه رأى شيئاً صغيراً جداً يتحرك..إنها قطعة سكر...دقق أكثر... إنها نملة صغيرة تحمل قطعة سكر..يبدو عليها العناء كعنائنا إذا ما حملنا حقيبة سفر ضخمة مكتظة عن آخرها...مد يده في طريقها يسده عليها ،فاخذت مساراً آخر فسده عليها فسلكت غيره..ظلا هكذا حتى أنهكه التعب فمد اصبعه بحذر طفولي ليسقط عنها قطعة السكر فسقطت فابتسم هو في ظفر، أما هي فبدت في عينيه حزينة وخيل إليه أنها تنظر إليه بغضب أخجله،وذهل حين سمعها تقول بصوت غاضب:

- ماذا جنيت من العبث بي وبطعامي؟
هل أضفت لذاتك شيئاً؟ هل جلبت مكسباً؟
اتسعت حدقته في ذهول وهو لا يصدق وظن نفسه واهماً إلا أن صوتها جائه قوياً هذه المرة رغم دقتها وهي تقول في صرامة:
- لماذا يا هذا؟
تلعثم وجفف عرقاً وهمياً وهو يقول:
-لا شيء...أأ.....عذراً ....ما قصدت إذائك...

قاطعته بحدة صارخة:
- وهل هناك إيذاء أكثر من العبث بلقمة العيش؟!! أليس لديك ما يشغلك عن هذا العبث؟
أطرق برأسه خجلاً وقال متلعثماً:
- لم تتاح لي الفرصة كي أصنع شيئاً ...فالظروف والـ...............
قاطعته مرة أخرى قائلة:
-ظروف؟... أية ظروف؟....إنك الإنسان الذي لديه من القوة والعقل ما نحسده عليها نحن بنو النمل... فنحسب لك ألف حساب حين نخرج من بيوتنا طلباً للرزق ونحن نعلم أننا قد نسحق منكم بقصد أو بغير قصد .. يا هذا إنني أودع أمي كل صباح حين أخرج بحثاً عن طعاماً لها ولإخوتي الصغار.
لم يتمالك نفسه من الضحك وهو يقول:
- إخوتك الصغار؟!!! هل هناك من هم أصغر منك؟
ابتسمت رغماً عنها وهي تقول:
- نعم هناك الأصغر،وهناك الأكبر ،واستطردت في نبرة حزينة وهي تقول:
- وهناك من يقتل، وهناك من يموت على فراشه وهم قليل.
وعلا صوتها وهي تقول في فخر:
- كانت لي جدة ماتت على فراشها رغم خروجها كل صباح إلا أنكم لم تتملكوا منها أبداً حتى جنود سليمان-عليه السلام- استطاعت أن تحمي نفسها وقومها من خطر مرورهم .... شجاعة جدتي هذه ...أتدري؟ ...يتحدث عنها النمل حتى الآن فهي قدوتنا ومثلنا ..
وانطلقت تقول في سعادة:
- أمي تقول أنني أشبهها كثيراً..وأنت هل تشبه جدك؟
رد في اقتضاب:
- لاأدري ...لا أذكر شيئاً عنه.
- عجباً !!! ألا تعلم عنه شيئاً؟ ..ألم تتعلم عنه شيئاً؟
- لا
- ألم تحدثك أمك عنه؟!
- لا ...فإنني لا أراها كثيراً.
هتفت في ذهول:
- كيف ؟أليست أمك؟.
هز كتفيه في لا مبالاة وهو يقول:
- لديها من الأمور ما يشغلها.
-عنك؟!!!!
-أجل.
- وأنت ...ماذا تصنع بأيامك؟أقصد ماذا تعمل؟
- لاشيء
- وكيف تقضي يومك؟
قال في فضول:
-دعك من يومي وأخبريني عن يومك.
أخذت شكل الراوي وهي تقول في خيلاء:
- يبدأ يومي باكراً...هكذا اعتدنا نحن معشر النمل أخرج كما سبق وأن أخبرتك لأجلب طعاماً ..فإن عدت نلتف أنا وأمي وإخوتي حوله فنقتسمه ..هذا حظ اليوم لطعامنا ،وهذا من نصيب الشتاء ،بعدها نساعد أمنا في تحضير الطعام ونلتف حوله جميعاً نأكله ،وبعدها نلتف من جديد حول أمي التي تروي لنا من الروايات والأمجاد ما يدب الحمية في قلوبنا ويصنع بداخل كل نملة فينا من الأمل والطموح ما يكفيها لأن تحلم بأن تكون يوماً مجداً يتحدث عنه النمل لأبنائهم غداً، وما إن تنتهي أمي حتى ننطلق نلهو ونمرح مع أصدقائنا ، أو نعود مريضاً أو نملة أصيبت من إنسان منكم....ونظل على ذلك حتى يأتينا المساء فننام لنستقبل يوم جديد.
- ألا تروادكم الأحزان ؟!!
- نقهرها.
-ألا تعوقكم الظروف؟!!
-نقودها.
- ألا يراودكم شيء من اليأس أو الإحباط؟!!
- لا نعرف له معنى.
-ألا تخطأون في إنتقاء الهدف؟!!
- نبحث فوراً عن غيره.
- ألا تحدثكم أنفسكم بشر؟!!
- هي في زمامنا ولسنا في زمامها.
-ألا ينشق عنكم شارد؟!!
- يتيه ولا نذكره،وتظل الأمة باقية.
- أليس فيكم معتدي؟!!
- نلتف عليه جميعاً فنسحقه.
فبهت الشاب ...وعاد بجسده كله للوراء وهو يردد في شرود:
- ليتني نملة ...ليتني نملة... ليتني نملة!!!!


آخر تعديل بواسطة رحاب صفا في 21 إبريل 2009, 4:08 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
السكون للامعقول قدر لا نفقه تفسيره.
صورة العضو الرمزية
محمد محمود
مشرف قسم الأشعار
مشاركات: 1070
اشترك في: 06 نوفمبر 2008, 4:40 pm
Real Name: محمد محمود حسن
Favorite Quote: إلهــــي لا تعذبني فإني
مقر ٌ بالذي قد كان مني
verification: ID verified and trusted writer
مكان: الإسكندرية
اتصال:

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة محمد محمود »

فعلا ً والله ليتنا كلنا نمل
ذلك المخلوق الرائع صغير الحجم كبير العزيمة وافر الإيمان ، ويا لها من مملكة تلك التي يعيش فيها النمل ، إنها من أروع الأمثلة في النشاط والعمل ، ولو تعلمنا منها واتبعنا نهجها لصرنا أحسن الحضارات .
وبالمناسبة : فقد سأل سيدنا سليمان نملة عن قوتها في السنة الواحدة فقالت أنا آكل حبتين من الشعير في السنة . فحبسها نبي الله سليمان في زجاجة ووضع لها الحبتين ، وجاء بعد عام كامل فوجدها قد أكلت حبة واحدة ، فلما تعجب أجابته يا نبي الله : " لما كان رزقي على الله كنت آكل الحبتين وأعلم أن الله سيرزقني غيرهما ، لكن بعد أن تحكمت في قوتي فقد خفت أن تنساني فوفرت حبة للعام القادم وأكلت الأخرى "
يا ليتنا كلنا نمل .
مع وافر تحياتي وتمنياتي بالتوفيق الدائم ،،،،،
صورةصورةصورةصورةصورةصورة
تواضع تكن كالبدر لاح لناظر ٍ على صفحات الماء وهو رفيع ُ
ولا تك كالدخان يعلو بنفســه إلى طبقات الجو وهو وضيـــع ُ

صورة


صفحتي الشخصية
صورة العضو الرمزية
Ghadat2009
مشرفة قسم الكتابة
مشاركات: 1481
اشترك في: 02 فبراير 2009, 12:00 pm
Real Name: غادة يسري
Favorite Quote: كن جميلا ..... ترى الوجود جميلا :)
verification: ID verified and trusted writer
مكان: مصر الجميلة

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة Ghadat2009 »

قصة جميلة جدا ... ذات مغزى و معانٍ كثيرة صورة

اندمجت معها و تعايشت مع الحوار بين الرجل العابث و النملة المثابرة و كأنه حقيقي لبراعتك في القص و الحوار ..ماشاء الله صورة

لكن الحوار حقيقة ..يدور في عقل هذا الرجل ..كنوع من صحوة الضمير و لوم النفس على الكثير من الانهزامات الحياتية اليومية ..حتى أنك تطرفتِ لمشكلة الانتماء و الهدف و القدوة و التعاون و روح الكفاح و المثابرة المفتقدة في أيامنا هذه !

لوحة جميلة برغم بساطة الفكرة ... و كأنها مدخلا لقصة من قصص الأطفال ..و لكنها بالفعل درسا لكثير من الكبار !

ممتاز يارحاب ..استمتعتِ ببراعتك اللغوية و القصصية صورة

في انتظار المزيد دائما من هذا التميز

و بالتوفيق إن شاء الله صورةصورة
صورة

.
.
.
[highlight=#ffff40]*** لــزيارة صــفـــحـــتــي *** [/highlight]
رحاب صفا
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 265
اشترك في: 29 مارس 2009, 2:30 pm
Favorite Quote: إذا أردت شيئاً بشدة فتتبعه
اتصال:

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة رحاب صفا »

شكراً لتعليقك وإضافتك يا محمد واستكمالك للمعنى.

وشكراً جداً يا غادة..ربنا يخليكي وتفضلي كدة فاهمة اللي بين السطور وتفضلي تحللي تحليلاتك الهايلة دي.
ربنا يديمهاعليكي قراءة وكتابة ويحفظهم من الإنقطاعصورة
السكون للامعقول قدر لا نفقه تفسيره.
hnonnn
أكاديمى فعال
أكاديمى فعال
مشاركات: 16
اشترك في: 08 إبريل 2009, 3:07 pm

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة hnonnn »

يعني النملة بتصحي الصبح و (تروح الشغل) ( تجيب الاكل ) و ترجع تقسم الاكل حبة للشتا ( فى التلاجة )والباقي يعملوه ع الغدا و تقعد تسمع حكايات ( تتفرج ع التليفزيون )
وبعدين تخش تنام !!!!!!!!1

مش عارف ليه حاسس اننا كلنا بقينا نمل
ولا النمل هو اللي بقى بني ادمين
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الصراحة انا عجبني الحوار
ملحوظة :

اللي يحب النمل وتعجبه حياته وكمان يكتب عنه
يبقى هو نفسه

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
..
مجتهدصورة
مبروك ع الجايزة
والمرة اللي جيه الاولي ان شاء الله
رضوى
أكاديمى فعال
أكاديمى فعال
مشاركات: 12
اشترك في: 02 مارس 2009, 9:45 pm

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة رضوى »

ما شاء الله أستمتع جدا بقرائتها
والحوار قوي جدا صورة
بانتظار جديدك
صورة العضو الرمزية
شيماء قبيصى
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 191
اشترك في: 01 يناير 2009, 3:51 pm
Favorite Quote: ياترى اللى بيعيش الزمن احنا....ولا الزمن هو اللى بيعشنا

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة شيماء قبيصى »

ايه يا نمله البلاغه دى؟؟؟؟؟؟؟!!!!!

شئ غريب الا يرقى بعض البشر لان يكونوا نمله

والعجيب فعلا ان المخوقات الضعيفه بفطرتها الخلقيه تحيا من اجل شئ ما !! فى حين وجود اشخاص مثل هذا الشخص فى الروايه بلا هويه!!

!ذكرتينى بتوفيق الحكيم فى مذكرات صرصار

خيالك خصب اوى والسيناريو محكم خاصة فى

- ألا تروادكم الأحزان ؟!!
- نقهرها.
-ألا تعوقكم الظروف؟!!
-نقودها.
- ألا يراودكم شيء من اليأس أو الإحباط؟!!
- لا نعرف له معنى.
-ألا تخطأون في إنتقاء الهدف؟!!
- نبحث فوراً عن غيره.
- ألا تحدثكم أنفسكم بشر؟!!
- هي في زمامنا ولسنا في زمامها.
-ألا ينشق عنكم شارد؟!!
- يتيه ولا نذكره،وتظل الأمة باقية.
- أليس فيكم معتدي؟!!
- نلتف عليه جميعاً فنسحقه. بالتوفيق فى انتظار المزيد
رحاب صفا
أكاديمى نشيط
أكاديمى نشيط
مشاركات: 265
اشترك في: 29 مارس 2009, 2:30 pm
Favorite Quote: إذا أردت شيئاً بشدة فتتبعه
اتصال:

Re: ليتني نملة!!

مشاركة بواسطة رحاب صفا »

شكراً للمرور
وشكراً يا شيماء على حسن القراءة والتقدير للمعنى،وشكراً على وصفي بالنملة ...ده شرف لا أستحقه ولا أدعيه.
السكون للامعقول قدر لا نفقه تفسيره.
أضف رد جديد

العودة إلى ”قصص فصحى“