انسان...
مرسل: 13 ديسمبر 2008, 4:38 pm
ماهى الحياة...؟
هل هى هذا البحر الملئ بالأمواج...؟ أم هى الشاطئ الذى يعج بالبشر الذين يريدون التمتع بالبحر دون الغرق فى أمواجه...؟
أم هى...لا هذا ولا ذاك...بل غابة كبيرة...فيها الطيب...والماكر...فيها القوى...والضعيف...فيها من يأكل...ومن يؤكل...ويداس بالأقدام بكل قسوة...
أم هى...رواية طويلة لاتنتهى...فيها من كل الشخوص...وكل الألوان...كل الفرح...و أقسى الأحزان...بدايات مشوقة...وحياة مملة...ونهاية مظلمة...
أم هى بدلا من كل هذا...مملكة كبيرة...فيها حاكم...ومحكوم...فيها ظالم...ومظلوم...فيها عرش...ونهايتها قبر...
ماهى الحياة...؟ هل سألت نفسك هذا السؤال من قبل...؟ هل جلست وحدك تحكى مشاكلك لعقلك وتنتظر منه أن يمدك بإجابة...لتعرف أين تعيش...لما تعيش...وكيف تعيش...؟
ماهى المشاكل...؟ هل هى أخطائك...أم أخطاء الأخرين...؟ هل هى ذنوبك...؟ أم ذنوبهم...؟ هل هى مأساتك...أم كارثتهم...؟
ماهو الحزن...؟ هل هو شعورك عندما تحس أن الدنيا كلها تتركك...؟ أم شعورك عندما تجد الدنيا كلها متطفلة حولك...؟ هل هو فقدانك لشخص تحبه...أم قربك لشخص يفقدك لذاتك...؟
وماهو الفرح...؟ هل هو سعادتك...وانتهاء مشاكلك...ووصولك إلى قمة عرش الدنيا...؟ أم هو رؤيتك للسعادة فى عيون الأخرين...؟
ماهذه الأسألة...هل نسيت ماهى الدنيا...هل نسيت من أنا...حقا من أنا...؟
أفاق من شروده على سؤاله الأخير...قام من نومه وهو ينظر للمكان حوله نظرة خاوية قبل أن يتوقف نظره عند مرآة كبيرة أمامه...
" ما هذا...؟ " نطق فى شرود وهو يدقق النظر فى الملامح المرتسمة على المرآة...أخذ ينظر إلى عينيه...إلى شفتيه...إلى جسده كله...وهو يعاود السؤال على نفسه...ما هذا...؟
............
" حالة زهايمر متأخرة..."
نطق الطبيب بالجملة فى أسف, وهو ينظر إلى الأم التى لم يفارق الحزن ملامحها وهى تنظر لأبنها الذى رقد أمام الطبيب ينظر لكل ماحوله فى نفس الشرود والذهول كطفل صغير يرى ماحوله لأول مرة...قبل أن تنطق الأم فى ألم:
" هل يعنى ذلك أنه فقد الذاكرة تماما؟ أم أنه لازال يمكن علاجه...؟ "
" لم يفقد الذاكرة...ولكن من الواضح أنه تعرض لقدر كبير من المشاكل, وتبعها بإجهاد شديد لنسيان هذه المشاكل والبعد عنها, ومع قلة فترات نومه الواضحة من الأثار تحت عينيه, تضاعف الإجهاد الجسدى والنفسى ليؤثر على عقله فى النهاية ويؤدى إلى حالة زهايمر متقدمة...هذه الحالة نادرة ولا أعرف إن كان من الممكن علاجها...ولكن مع الراحة التامة والبعد عن أى ضغط نفسى...ربما....."
انسدلت دموع أمه وهى تشكر الطبيب قبل أن تصطحب ابنها خارجا بصعوبة وهو ينظر إليها فى نفس الشرود...
وفى عينيه...ارتسم السؤال نفسه...
سؤال حائر..
بلا إجابة.
.........
مضت الأيام ثقيلة وبطيئة على الأم وهى تتمنى أن يعود ابنها إلى ذاكرته...كان لايتحدث مع أحد أو يرد على أحد, كان ينظر بشرود إلى كل ماحوله ومن حوله, يقف أمام المرأة الكبيرة بحجرته دائما و ينظر إلى نفسه فى المرأة فى ذلك الشرود والعين الحائرة.....حتى أتى ذلك اليوم...
........
استيقظ من نومه على صوت شجار...أخذت أذناه تستمع إلى مايحدث...
" أنت من دمرته...أنت من أفقدته ذاكرته بقسوتك وبتصرفاتك معه! "
" بل أنتى من أفسدتيه بدلالك الزائد! وإعطائك الأموال له بلا حساب! "
" دائما تلقى اللوم على! أنت دائما من كنت تتشاجر معى ومعه...وأنت من جعلته يهرب إلى العمل ليل نهار دون توقف حتى ينسى هذا البيت مشاكله...وأخيرا نسى كل شئ! نسى اسمه...ونسى انه انسان...نسى كل شئ..."
أخذت كلمة انسان تتردد فى عقله الشارد...قام من فراشه وأخذ ينظر مرة أخرى إلى ملامحه فى المرأة...دقق النظر فى ملامحه وكأنه يحاول التعرف على نفسه قبل أن تهمهم شفتاه فى بطئ " انسان...انسان..."
" كفى " نطقها وهو يقف على باب حجرته فى وهن...نظر إليه أبيه وأمه فى ذهول وقد توقفا عن شجارهما...قبل أن تهرول أمه نحوه وهى تقول فى سعادة وقد اختلطت دموع عينيها بدموع الفرح:
" أحمد...لقد تحدثت أخيرا! حمدا لله....لقد عادت إليك ذاكرتك...لقد شفيت يا أحمد..."
نظر إليه أبيه بعينين تغالب دموعهما قبل أن ينسحب من المكان دون أن ينطق بكلمة...
........
فى حجرته بعد أن خرجت أمه وهى تحمد الله على شفائه...أمسك بورقة صغيرة وأخذ يكتب عليها بأصابع مرتعشة..
" الحياة هى البحر متلاطم الأمواج والشاطئ البعيد والمملكة الكبيرة والغابة القاسية التى لاتعرف الرحمة...
المشاكل هى القرب من الأخرين...والحزن هو البعد عنهم...والفرح...هو أن تعرف من أنت...
هذه رسالة إلى نفسى...عندما أتذكر من أنا...لتذكرنى..عندما أنسى من أنا...سأكتب هنا أحلامى...أمالى..طموحاتى...سأكتب أحزانى...وأفراحى...
سأكتب أن النسيان نعمة....ونقمة...سأكتب أن الأخرين هم من يجذبونك نحو الغرق...وهم طوق نجاتك عندما تغرق...
سأكتب أن نسيان الماضى...هو محو للحاضر...و نهاية للمستقبل...من قبل أن يبدأ...
سأكتب...أننى إنسان...من النسيان...
ولكننى لايجب أن انسى هذا الإنسان...
أخذ يكتب ماتذكره حتى انتهى من كتابته ونظر إلى ماكتب...وبنفس الأصابع المرتعشة حمل الورقة وقام وتوقف أمام المرأة...نظر لنفسه فى منتصف المرأة ثم توجه نحوها وعلق الورقة فى وسط المرأة...قبل أن يعود إلى فراشه ويغطى نفسه بعدة أغطية وهو يرتعش...وفى عقله ثارت أفكاره مرة أخرى...
لما ينادونى بأحمد...ربما هذا اسمى...كل ما أتذكره اننى انسان...وهذا يكفى لليوم...
فقط أتمنى أن أتذكر ذلك غدا...
..........
هل هى هذا البحر الملئ بالأمواج...؟ أم هى الشاطئ الذى يعج بالبشر الذين يريدون التمتع بالبحر دون الغرق فى أمواجه...؟
أم هى...لا هذا ولا ذاك...بل غابة كبيرة...فيها الطيب...والماكر...فيها القوى...والضعيف...فيها من يأكل...ومن يؤكل...ويداس بالأقدام بكل قسوة...
أم هى...رواية طويلة لاتنتهى...فيها من كل الشخوص...وكل الألوان...كل الفرح...و أقسى الأحزان...بدايات مشوقة...وحياة مملة...ونهاية مظلمة...
أم هى بدلا من كل هذا...مملكة كبيرة...فيها حاكم...ومحكوم...فيها ظالم...ومظلوم...فيها عرش...ونهايتها قبر...
ماهى الحياة...؟ هل سألت نفسك هذا السؤال من قبل...؟ هل جلست وحدك تحكى مشاكلك لعقلك وتنتظر منه أن يمدك بإجابة...لتعرف أين تعيش...لما تعيش...وكيف تعيش...؟
ماهى المشاكل...؟ هل هى أخطائك...أم أخطاء الأخرين...؟ هل هى ذنوبك...؟ أم ذنوبهم...؟ هل هى مأساتك...أم كارثتهم...؟
ماهو الحزن...؟ هل هو شعورك عندما تحس أن الدنيا كلها تتركك...؟ أم شعورك عندما تجد الدنيا كلها متطفلة حولك...؟ هل هو فقدانك لشخص تحبه...أم قربك لشخص يفقدك لذاتك...؟
وماهو الفرح...؟ هل هو سعادتك...وانتهاء مشاكلك...ووصولك إلى قمة عرش الدنيا...؟ أم هو رؤيتك للسعادة فى عيون الأخرين...؟
ماهذه الأسألة...هل نسيت ماهى الدنيا...هل نسيت من أنا...حقا من أنا...؟
أفاق من شروده على سؤاله الأخير...قام من نومه وهو ينظر للمكان حوله نظرة خاوية قبل أن يتوقف نظره عند مرآة كبيرة أمامه...
" ما هذا...؟ " نطق فى شرود وهو يدقق النظر فى الملامح المرتسمة على المرآة...أخذ ينظر إلى عينيه...إلى شفتيه...إلى جسده كله...وهو يعاود السؤال على نفسه...ما هذا...؟
............
" حالة زهايمر متأخرة..."
نطق الطبيب بالجملة فى أسف, وهو ينظر إلى الأم التى لم يفارق الحزن ملامحها وهى تنظر لأبنها الذى رقد أمام الطبيب ينظر لكل ماحوله فى نفس الشرود والذهول كطفل صغير يرى ماحوله لأول مرة...قبل أن تنطق الأم فى ألم:
" هل يعنى ذلك أنه فقد الذاكرة تماما؟ أم أنه لازال يمكن علاجه...؟ "
" لم يفقد الذاكرة...ولكن من الواضح أنه تعرض لقدر كبير من المشاكل, وتبعها بإجهاد شديد لنسيان هذه المشاكل والبعد عنها, ومع قلة فترات نومه الواضحة من الأثار تحت عينيه, تضاعف الإجهاد الجسدى والنفسى ليؤثر على عقله فى النهاية ويؤدى إلى حالة زهايمر متقدمة...هذه الحالة نادرة ولا أعرف إن كان من الممكن علاجها...ولكن مع الراحة التامة والبعد عن أى ضغط نفسى...ربما....."
انسدلت دموع أمه وهى تشكر الطبيب قبل أن تصطحب ابنها خارجا بصعوبة وهو ينظر إليها فى نفس الشرود...
وفى عينيه...ارتسم السؤال نفسه...
سؤال حائر..
بلا إجابة.
.........
مضت الأيام ثقيلة وبطيئة على الأم وهى تتمنى أن يعود ابنها إلى ذاكرته...كان لايتحدث مع أحد أو يرد على أحد, كان ينظر بشرود إلى كل ماحوله ومن حوله, يقف أمام المرأة الكبيرة بحجرته دائما و ينظر إلى نفسه فى المرأة فى ذلك الشرود والعين الحائرة.....حتى أتى ذلك اليوم...
........
استيقظ من نومه على صوت شجار...أخذت أذناه تستمع إلى مايحدث...
" أنت من دمرته...أنت من أفقدته ذاكرته بقسوتك وبتصرفاتك معه! "
" بل أنتى من أفسدتيه بدلالك الزائد! وإعطائك الأموال له بلا حساب! "
" دائما تلقى اللوم على! أنت دائما من كنت تتشاجر معى ومعه...وأنت من جعلته يهرب إلى العمل ليل نهار دون توقف حتى ينسى هذا البيت مشاكله...وأخيرا نسى كل شئ! نسى اسمه...ونسى انه انسان...نسى كل شئ..."
أخذت كلمة انسان تتردد فى عقله الشارد...قام من فراشه وأخذ ينظر مرة أخرى إلى ملامحه فى المرأة...دقق النظر فى ملامحه وكأنه يحاول التعرف على نفسه قبل أن تهمهم شفتاه فى بطئ " انسان...انسان..."
" كفى " نطقها وهو يقف على باب حجرته فى وهن...نظر إليه أبيه وأمه فى ذهول وقد توقفا عن شجارهما...قبل أن تهرول أمه نحوه وهى تقول فى سعادة وقد اختلطت دموع عينيها بدموع الفرح:
" أحمد...لقد تحدثت أخيرا! حمدا لله....لقد عادت إليك ذاكرتك...لقد شفيت يا أحمد..."
نظر إليه أبيه بعينين تغالب دموعهما قبل أن ينسحب من المكان دون أن ينطق بكلمة...
........
فى حجرته بعد أن خرجت أمه وهى تحمد الله على شفائه...أمسك بورقة صغيرة وأخذ يكتب عليها بأصابع مرتعشة..
" الحياة هى البحر متلاطم الأمواج والشاطئ البعيد والمملكة الكبيرة والغابة القاسية التى لاتعرف الرحمة...
المشاكل هى القرب من الأخرين...والحزن هو البعد عنهم...والفرح...هو أن تعرف من أنت...
هذه رسالة إلى نفسى...عندما أتذكر من أنا...لتذكرنى..عندما أنسى من أنا...سأكتب هنا أحلامى...أمالى..طموحاتى...سأكتب أحزانى...وأفراحى...
سأكتب أن النسيان نعمة....ونقمة...سأكتب أن الأخرين هم من يجذبونك نحو الغرق...وهم طوق نجاتك عندما تغرق...
سأكتب أن نسيان الماضى...هو محو للحاضر...و نهاية للمستقبل...من قبل أن يبدأ...
سأكتب...أننى إنسان...من النسيان...
ولكننى لايجب أن انسى هذا الإنسان...
أخذ يكتب ماتذكره حتى انتهى من كتابته ونظر إلى ماكتب...وبنفس الأصابع المرتعشة حمل الورقة وقام وتوقف أمام المرأة...نظر لنفسه فى منتصف المرأة ثم توجه نحوها وعلق الورقة فى وسط المرأة...قبل أن يعود إلى فراشه ويغطى نفسه بعدة أغطية وهو يرتعش...وفى عقله ثارت أفكاره مرة أخرى...
لما ينادونى بأحمد...ربما هذا اسمى...كل ما أتذكره اننى انسان...وهذا يكفى لليوم...
فقط أتمنى أن أتذكر ذلك غدا...
..........