ميراثنا الثقافي الهوية واللغة
مرسل: 01 يوليو 2009, 1:05 am
ميراثنا الثقافي الهوية واللغة
ضمر العالم وأصبح قرية صغيرة، امتدت فيها المصالح وتواصرت العلاقات، وتشابكت الثقافات واختلطت ولن يصمد منها إلا الراسخ الأقوي أو الأغرب المستحدث المبهر علي الدوام، والخطر إن هدد الكون كله فإنه يهددنا نحن العرب بالأخص لأننا الأكثر سلبية في معالجة مشكلاتنا والأكثر استجابة لأي شيء يأتينا من الآخر من دون إمعان فيه أو روية حتي ولو كان القادم هو الوباء القاتل لأننا ببساطة نستسهل، وخطر فقد الهوية يطاردنا ويدنو منا وكلنا يلمس ذلك، فلما لا نستفيق وننهض ونحيي تراثنا في شتي المجالات كالأدب والفن والعمارة والعلوم. ونعيد ترميم ثقافتنا لكي لا نستيقظ ذات صباح نجد أنفسنا قد أزلنا من الخريطة الثقافية العالمية بمزيد من اللامبالاة التي تعترينا والتي تحول دون الإصلاح والتطوير والتغيير النابع من الذات والذي قد ييسر سبل الوصول للآخر المتربص بنا لنؤكد حسن نوايانا لأن التمادي يعمق الفجوة وقد يعزلنا فنري أنفسنا داخل حيز بلوري يقطع دروب التواصل، ومن ثم سيكون أكبر همومنا هو الاندماج والذوبان دون هويتنا داخل البوتقة الكبري والنظام العالمي الجديد غير المقنن المسمي بالعولمة والذي تتحكم فيه وتسيره المصالح والرغبات والمحاولات الجامحة للاشباع بأرخص السبل وإن أتي ذلك علي أنقاض ثقافة وموروثات شعب أو عدة شعوب. ولذلك تأتي الأفكار متجمعة تحض علي إحياء الموروثات والتمسك بالعادات والقيم والمحافظة علي الهوية، وأهم تلك الموروثات وأعظم المكتسبات علي الإطلاق هو لساننا العربي المبين الذي شوه تلك اللغة التي باتت مهزوزة نغيبها أحياناً ونلغيها أحياناً، ونرفضها ونحرفها، نفرقها لهجات ونجمعها سفاهة وعبارات بلا معني، ونستبعدها من مجالات مهمة كالعلوم والطب وهي الأوسع والأغني، والتي تستوعب كل المصطلاحات، فهل من معارض
نعتنا بالعرب لأننا نتحدث العربية وأقصد الفصحي لغة الأجداد التي تلاعب بها الأحفاد، وأصبحت المؤسسات اللغوية علي امتداد الوطن العربي عاجزة وحدها علي مواجهة الخلل بألسنتنا وكتاباتنا وكفانا عجزاً ب خطأ شائع خير من صواب مهجور .
فلنتكاتف ولنتوحد، والدعوة لكل المؤسسات المختصة وأصحاب القرار، لنعزز لغتنا ونوقرها لتعود قوية، لنتخذ من أعدائنا العبرة وننظر لإسرائيل ذلك الكيان السرطاني الذي نبت بأحشائنا في غفلة وسهوة وسقطة تاريخية.. فقد وجدت إسرائيل من العدم وازدادت قوتها من الشتات وصنعت تراثاً من دون تراث وأحيت العبرية مرت قرون لايتخاطب بها نفر أصبحت قوية ونعاني الوهن.. من أجل المستقبل ومن أجل نهضتنا لنفيق ونهتم بالتراث ونمجد لغتنا ونقويها تحتاج الآن للصقل والترميم وإعادة الترتيب والصيانة ليعود لها الرونق. وليكون لها علي أبسط التقديرات وكما طلبنا من قبل يوم للتحدث بالفصحي في مؤسساتنا وفي مدارسنا، لنعلم النشء التحدث ليوم واحد أو أسبوع بلغة صحيحة، لنحدثهم عن أمجادنا وشعرائنا وخطبائنا بأسلوب شيق ورشيق لنزيد لهم المغريات ونقدم لهم الجوائز.. ثم ننتظر المستقبل لنجني حصاد ذلك اليوم، سيعزز بالحتم القومية ويعمقها بنفوسهم.. سيعيشون بلغة صحيحة وأفكار قوية واعتزاز بثقافتهم ولغتهم وماضيهم لأنه لن تقوم النهضة ولن يأتي المستقبل المرجو من دون موروثات ثقافية ضخمة ولغة قوية وصحيحة.