العودة[/CENTER ALIGN]
[/CENTER ALIGN]
متعباً كان 000 وقبل أن ينقل قدمه المتثاقلة على أولى درجات السلم ألقى نظرة عابرة على المصعد الذي يحتل مساحة كبيرة فى مدخل العمارة المكسو بالرخام النادر وجده مغلقاً وعليه اللافتة المعتادة (المصعد عاطل) تنهد بعمق ثم ألقى نظرة عميقة إلى أعلى فذكرته دورانات السلم الحلزوني بكثير مثلها قابلته طيلة حياته بكسل واضح أخذ يعد الأدوار
الأول .. الثاني .. الثالث .. الرابع .. الخامس وأخذ يعد معها أرقام الشقق ( شقة17- 18-19 -20) ابتسم بمرارة.. أخرج حلقة مفاتيحه وقبل أن يفتح الباب هاجمته رائحة كريهة انتفض لها قلبه الضعيف الذي أوهنته المحن والأيام .. خشي أن يكون قد حدث ما كان يفكر فيه قبل ذهابه إلي البلدة .. فأخيه المريض قد تركه بمفرده مع قطته السيامي التي يحبها كثيراً وكان يقول أنها أخر شئ تبقى من الحياة الأولى الناعمة أّنب نفسه وألقى باللوم على ذلك التاجر الجشع الذي لا يقدر قيمة أرواح الناس مقابل تقديره للمال .. همس فى ضيق واضح:-
- والله يا أخي لولا هذا التاجر الجشع الذي أخذ يماطل فى ثمن الأرض وحرصي على اكتساب أكبر سعر ممكن لكي أوفر لك ثمن العلاج ما تركته قط يأخذ أرضنا عزتنا وكرامتنا.. هربت دمعه ساخنة من مقلتيه وعاد يقول :-
- والله يا أخي أشعر بأني لم أتركك أول البارحة فقط بل منذ ثلاث سنوات .. لعن الله الجشع وأهله .
فجاءة .. جحظت عيناه ؛ فالمفتاح الذي يجب أن يفتح له لم يتحرك فى مجراه..بسرعة جرب غيره وغيره ولكن لم تفلح أي محاولة منها .. الرائحة أخذت تزداد مهاجمة لأنفه مما جعله يشعر بالغثيان .. طرق على الباب بشدة لعل أخيه يكون مستيقظاً فيفتح له ولكن لا أحد يجيب عليه ..عاود الطرق بشدة أكثر.. لا يرد عليه أحد .
الصاعدون والهابطون ينظرون إليه نظرة تكاد أن تنطق بالسؤال عما يحدث .. تجاهلهم وتجاهل نظراتهم المتسائلة .. رجع إلي الخلف وبسرعة اندفع نحو الباب حتى انفتح له
مرغماً .. دخل كالمجنون يبحث فى كل مكان مستهدياً بتلك الرائحة الكريهة .. جال فى معظم الحجرات لم يجد فيها شيئاً .. فتح باب غرفة أخيه بسرعة وتراجع من هول المفاجأة فأخيه المريض ليس بالفراش وقطته السيامي ملقاة على الأرض وهى مصدر الرائحة الكريهة ..مسح الحجرة بنظرة سريعة .. اصطدمت عيناه الدامعتان بصورة أبيه الباشا وبجوارها صورة أمه الحانية التي كان دائما يرتمي فى حضنها الدافئ فى مثل هذه الظروف التي كثيراً ما مرت عليه وخاصة فى أواخر أيام أبيه وكانت دائما الحصين المنيع له ومعينه على الدهر وأهواله التي ذاق منها الكثير والكثير .
- أين أنت الآن يا أمي الحنون وأين حضنك الدافئ ؟
سؤال خرج بصعوبة من حلقه الجاف .. لم يخفف من جفاف ريقه الذي يبتلعه بصعوبة شديدة سوى صورتها التي تراءت فى ذهنه فقد كانت بعد أمه كل شئ فى حياته .. أبنة عمه هي ..كانت تحبه مثله وأكثر.. كانت طبائعهما واحدة وخصالهما واحدة .. اتفقا على جميع ترتيبات حفل الزفاف لكن القدر لم يمهلهما ؛ فقد حدث ما حدث وخطفت روحها سيارة مجنونة عندما كانت معه لشراء فستان الزفاف من وسط البلد.. ماتت أمام عينه ولم يستطع أن يفعل لها أي شئ سوى البكاء .. الذي لم يعد له شيئاً سواه .. قفزت فى ذهنه صورة حياتهم الأولى الناعمة .. الخدم الكثير .. الخيل الأصيل .. الملابس
الفاخرة .. السيارة الفارهة ، لقب "البرنس" الذي كان يعشقه كثيراً ومازال عشقه يدوى فى أذنيه كلما ناداه به أحد أصدقائه القدامى .. استوقفته ورقة ملقاة أسفل صورة أبيه .. طريقة طويها وشكلها المألوف لديه حيث أنها كانت من دفتر مذكرات أبيه جعلته يهرول إليها ويلتقطها .. وبسرعة فتحها ومر عليها بلمحة خاطفة ليعرف محتواها .
الصديق العزيز / سمير
لقد هاجمت نوبة المرض الشرسة أخيك وكعادتي اليومية كل صباح كنت أمر على المنزل لكي اطمئن عليه .. فوجدت أن التأخير أكثر من ذلك ليس فى صالحنا لذا فضلنا السفر بأقصى سرعة إلى لندن حتى لا تحدث أي مضاعفات قد تؤدى إلي نتائج عكسية .. أرجو أن تطمئن وتدعو لأخيك بالعودة .
طبيب الأسرة / ممدوح نجيب
اخرج منديلاً ورقياً لكي يجفف به دموعه ولكن المنديل عجز عن أداء تلك المهمة السهلة..يتعجب لماذا لا يشم الآن الرائحة الكريهة رغم وجود مصدرها أسفل قدميه ؟!! نظر إلى السماء وراح يقول من بين دموعه :-
- يا رب تكتب لك العودة مرة أخرى يا أخي .
متعباً كان 000 وقبل أن ينقل قدمه المتثاقلة على أولى درجات السلم ألقى نظرة عابرة على المصعد الذي يحتل مساحة كبيرة فى مدخل العمارة المكسو بالرخام النادر وجده مغلقاً وعليه اللافتة المعتادة (المصعد عاطل) تنهد بعمق ثم ألقى نظرة عميقة إلى أعلى فذكرته دورانات السلم الحلزوني بكثير مثلها قابلته طيلة حياته بكسل واضح أخذ يعد الأدوار
الأول .. الثاني .. الثالث .. الرابع .. الخامس وأخذ يعد معها أرقام الشقق ( شقة17- 18-19 -20) ابتسم بمرارة.. أخرج حلقة مفاتيحه وقبل أن يفتح الباب هاجمته رائحة كريهة انتفض لها قلبه الضعيف الذي أوهنته المحن والأيام .. خشي أن يكون قد حدث ما كان يفكر فيه قبل ذهابه إلي البلدة .. فأخيه المريض قد تركه بمفرده مع قطته السيامي التي يحبها كثيراً وكان يقول أنها أخر شئ تبقى من الحياة الأولى الناعمة أّنب نفسه وألقى باللوم على ذلك التاجر الجشع الذي لا يقدر قيمة أرواح الناس مقابل تقديره للمال .. همس فى ضيق واضح:-
- والله يا أخي لولا هذا التاجر الجشع الذي أخذ يماطل فى ثمن الأرض وحرصي على اكتساب أكبر سعر ممكن لكي أوفر لك ثمن العلاج ما تركته قط يأخذ أرضنا عزتنا وكرامتنا.. هربت دمعه ساخنة من مقلتيه وعاد يقول :-
- والله يا أخي أشعر بأني لم أتركك أول البارحة فقط بل منذ ثلاث سنوات .. لعن الله الجشع وأهله .
فجاءة .. جحظت عيناه ؛ فالمفتاح الذي يجب أن يفتح له لم يتحرك فى مجراه..بسرعة جرب غيره وغيره ولكن لم تفلح أي محاولة منها .. الرائحة أخذت تزداد مهاجمة لأنفه مما جعله يشعر بالغثيان .. طرق على الباب بشدة لعل أخيه يكون مستيقظاً فيفتح له ولكن لا أحد يجيب عليه ..عاود الطرق بشدة أكثر.. لا يرد عليه أحد .
الصاعدون والهابطون ينظرون إليه نظرة تكاد أن تنطق بالسؤال عما يحدث .. تجاهلهم وتجاهل نظراتهم المتسائلة .. رجع إلي الخلف وبسرعة اندفع نحو الباب حتى انفتح له
مرغماً .. دخل كالمجنون يبحث فى كل مكان مستهدياً بتلك الرائحة الكريهة .. جال فى معظم الحجرات لم يجد فيها شيئاً .. فتح باب غرفة أخيه بسرعة وتراجع من هول المفاجأة فأخيه المريض ليس بالفراش وقطته السيامي ملقاة على الأرض وهى مصدر الرائحة الكريهة ..مسح الحجرة بنظرة سريعة .. اصطدمت عيناه الدامعتان بصورة أبيه الباشا وبجوارها صورة أمه الحانية التي كان دائما يرتمي فى حضنها الدافئ فى مثل هذه الظروف التي كثيراً ما مرت عليه وخاصة فى أواخر أيام أبيه وكانت دائما الحصين المنيع له ومعينه على الدهر وأهواله التي ذاق منها الكثير والكثير .
- أين أنت الآن يا أمي الحنون وأين حضنك الدافئ ؟
سؤال خرج بصعوبة من حلقه الجاف .. لم يخفف من جفاف ريقه الذي يبتلعه بصعوبة شديدة سوى صورتها التي تراءت فى ذهنه فقد كانت بعد أمه كل شئ فى حياته .. أبنة عمه هي ..كانت تحبه مثله وأكثر.. كانت طبائعهما واحدة وخصالهما واحدة .. اتفقا على جميع ترتيبات حفل الزفاف لكن القدر لم يمهلهما ؛ فقد حدث ما حدث وخطفت روحها سيارة مجنونة عندما كانت معه لشراء فستان الزفاف من وسط البلد.. ماتت أمام عينه ولم يستطع أن يفعل لها أي شئ سوى البكاء .. الذي لم يعد له شيئاً سواه .. قفزت فى ذهنه صورة حياتهم الأولى الناعمة .. الخدم الكثير .. الخيل الأصيل .. الملابس
الفاخرة .. السيارة الفارهة ، لقب "البرنس" الذي كان يعشقه كثيراً ومازال عشقه يدوى فى أذنيه كلما ناداه به أحد أصدقائه القدامى .. استوقفته ورقة ملقاة أسفل صورة أبيه .. طريقة طويها وشكلها المألوف لديه حيث أنها كانت من دفتر مذكرات أبيه جعلته يهرول إليها ويلتقطها .. وبسرعة فتحها ومر عليها بلمحة خاطفة ليعرف محتواها .
الصديق العزيز / سمير
لقد هاجمت نوبة المرض الشرسة أخيك وكعادتي اليومية كل صباح كنت أمر على المنزل لكي اطمئن عليه .. فوجدت أن التأخير أكثر من ذلك ليس فى صالحنا لذا فضلنا السفر بأقصى سرعة إلى لندن حتى لا تحدث أي مضاعفات قد تؤدى إلي نتائج عكسية .. أرجو أن تطمئن وتدعو لأخيك بالعودة .
طبيب الأسرة / ممدوح نجيب
اخرج منديلاً ورقياً لكي يجفف به دموعه ولكن المنديل عجز عن أداء تلك المهمة السهلة..يتعجب لماذا لا يشم الآن الرائحة الكريهة رغم وجود مصدرها أسفل قدميه ؟!! نظر إلى السماء وراح يقول من بين دموعه :-
- يا رب تكتب لك العودة مرة أخرى يا أخي .
جميلة وفكرة انسانية مؤثرة جدا جدا .
