ربما سلبوا أرضنا...
ربما سرقوا خيراتنا...
ربما احتلوا...
أوطاننا
ولكنهم لم ولـن...
يسلبوا عقولنا
لم ولن...
يسرقوا أحلامنا
ربما كسروا أغصان الزيتون...
ولكنهم لم ولن...
يكسروا أقلامنا
بأقلامنا التى تأبى إلا...
الصمود
بعقولنا التى يملأها...
التحدى
بأجسادنا التى تعشق...
الشهادة
وبقلوبنا التى تـهوى...
الحرية
سيأتى يوم من الأيام...
نصبح فيه...
وطن عربى
واحد...
متحد..
وحر
دعونا نقرأ..حلماً آخر...
نطق الجندى بالعبارة قبل ان يقف فى ثبات منتظرا أوامر قائده ، فى حين ابتسم (جبار) وهو يقول فى هدوء:
" استرح "
استرخت ملامح الجندى قليلا وإن لم تفارقه وقفته العسكرية الصارمة فسأله (جبار) :
" لما يبدو عليك الضيق هكذا كلما تحدثت عن أى شخص من قوات التحالف؟ "
ارتبك الجندى وتلعثم وهو يقول:
" سيدى ، أنا فقط...."
قاطعه (جبار) وهو يبتسم مرة اخرى قائلا:
" لاعليك يا(خالد) كلنا نكرههم كما تفعل، ولكننا هنا من أجل العراق فقط ، أليس كذلك؟ "
أجابه (خالد) فى قوة:
" تماما ياسيدى "
قام (جبار) من مقعده واقترب من (خالد) وربت على كتفه قائلا:
" أريدك أن تكون أنت مساعدى فى العمليات الخارجية أيضا يا(خالد)، فقد سأمت ذلك المساعد الأمريكى الذى يحتاج إلى ثلاثة مترجمين حتى ينفذ أوامرى، كما إنى أحتاج إلى مساعد أثق به، ولن أجد غيرك هنا "
ابتسم(خالد) وهو يقول:
" هذا شرف كبير لى ياسيادة العقيد "
ربت (جبار) على كتفه مرة أخرى قبل أن يتجه إلى الباب قائلا وهو يبتسم فى سخرية:
" حسنا، لنرى ماذا يريد قائد الأوغاد الجديد هذا "
**********
طرق (جبار) الباب فى هدوء، فجاء صوت من الداخل يقول فى لغة عربية سليمة:
" ادخل... "
عقد (جبار) بين حاجبيه فى دهشة وهو يدلف إلى الحجرة قبل أن يخطوا بخطوات عسكرية ثابتة نحو المكتب فى وسط الحجرة ويؤدى التحية العسكرية فى قوة...
كان نظر القائد الجديد منصبا فى ملف كبير أمامه قبل أن يرمق(جبار) بنظرة من عينيه الزرقاوتان، بدت كنظرة الذئب الذى يتفحص فريسته، ثم أعاد النظر إلى الملف أمامه وأخذ يقلب صفحاته فى بطئ ، قبل أن يقول فى لهجة باردة دون ان يرفع عيناه عن الملف:
" (جبار حسن الكيلانى) أحد أعضاء الجيش القدامى, استقال من الجيش وقاد المعارضة والثورة ضد صدام ابان حكمه، وعين من قبل قوات التحالف كأحد الضباط الأوائل فى الشرطة العراقية لخبرته العسكرية، وفى تلك المدة القصيرة حصل على عدة ترقيات لتفانيه فى الخدمة وكفائته فى العمليات التى أسندت إليه، حتى أصبح قائد الكتيبة الأولى من الشرطة العراقية، وأحد القادة المرشحين لقيادة الجيش العراقى المستقل المرتقب"
كان الدهشة تملأ عقل (جبار)، ليس بسبب المدون فى ملفه والذى يسمعه لأول مرة، ولكن بسبب اللغة العربية السليمة تماما التى تحدث بها القائد، فى حين تابع هو:
" ملف رائع فى الحقيقة ياسيد (جبار) "
ورفع وجهه لينظر إلى عينى (جبار) مباشرة ويقول فى نفس لهجته الباردة:
" ولكنه يحمل عيب خطير جدا! "
لم يبد أى تأثير على ملامح(جبار) فى حين تابع القائد:
" سيد (جبار)، هل يمكنك أن تخبرنى عن مهمة واحدة عملت فيها داخل العاصمة(بغداد) أو وسط اى مدينة عراقية أخرى؟! "
توترت ملامح (جبار) وهو يقول:
" ماذا تعنى ياسيادة القائد؟!"
ابتسم القائد ابتسامة خبيثة قبل ان يقوم من مقعده ويتجه إلى (جبار) مباشرة ويواجهه قائلا:
" اعنى ذلك العيب الذى لم تنتبه إليه تلك القيادة الحمقاء السابقة، أعنى أنك ياسيد (جبار) طوال مدة خدمتك مع قوات التحالف لم تشارك فى اى مهمة داخلية، كانت مهماتك محصورة انت وفرقتك فى القضاء على التنظيمات الأرهابية على الحدود وكأنك من قوات حرس الحدود ولست من أفراد الشرطة المفترض بهم الحفاظ على الأمن داخل المدن "
بذل (جبار) كل طاقته ليحافظ على هدوئه وهو يجيب:
" طبيعة مهامى انا وفرقتى كانت تفرضها علينا الظروف الداخلية ياسيدى، فليس من المفترض بنا الدخول إلى المدن والقيام بعمليات داخلها وسط المدنيين ووسط المساجد والكنائس والـ..... "
قاطعه القائد فى شراسة:
" هراء! "
وتابع فى شراسة أكبر:
" أعرف ان القائد السابق كان من السذاجة والغباء بحيث يقتنع بكلماتك الزائفة تلك، لكننى لست ذلك الغر الساذج الذى سيستمع إليك ويوكل إليك مهام خارجية تبتعد بها عن الميدان الحقيقى "
تسلل الغضب إلى صوت (جبار) وهو يقول:
" كلماتى ليست زائفة أيها القائد،انا أعنى ماأقول ولست أحاول الأبتعاد عن أى ميدان، فالمهام على الحدود اكثر خطورة بكثير من المهام الداخلية، ولكن قوات التحالف تقوم بمهام وسط المدن ويكون هناك كثير من الضحايا ليس لهم اى ذنب، ولست أحب ان أشارك بفرقتى فى مثل هذه الجريمة "
أشتعل الغضب فى عينى القائد وهو ينظر إلى عينى (جبار) التى ملأت بالتحدى ، قبل أن يهتف القائد فى غضب وهو يتجه إلى مكتبه:
" فليكن! "
واستقر على مقعده وهو يتابع:
" سأجعلك تشترك فى هذه الجريمة رغم أنفك أيها العقيد! "
وتابع فى لهجة عسكرية صارمة:
" العقيد (جبار حسن الكيلانى) ستقلع بك الطائرة أنت وفرقتك بعد ساعة واحدة للقيام بمهمة عاجلة......."
وانتظر قليلا قبل ان يتابع فى لهجة شامتة:
" فى قلب (الفلوجة)!"
ملأ الحنق والغضب لهجة (جبار) وهو يردد مستنكرا:
" الفلوجة!! "
ضحك القائد فى ظفر وشماتة، قبل ان يقول:
" نعم ياسيادة العقيد، ألم تكن تعرف أن ملفك مدون به مسقط رأسك أم ماذا؟! "
نطقت عينا (جبار) بغضب الدنيا كله والقائد يتابع فى خبث:
" بالتأكيد ستسعد بالقيام بعملية عسكرية فى أحضان بلدك الأم، وسط ذكريات الطفولة، وستسعد اكثر إذا عرفت ان قائد هذه المنظمة الأرهابية هناك هو أحد أصدقائك القدامى....."
توترت ملامح (جبار) إلى أقصى حد قبل ان يتابع القائد:
" (بدر العراقى) أحد قواد المعارضة أيضا، صديقك السابق ياسيادة العقيد، ولكنه لم يقبل أن ينضم إلينا، بل كان من أول فلول الأرهاب، وجماعته من أول الجماعات الأرهابية التى بدأت عملياتها ضدنا"
وتابع فى تشفى وهو يرى غضب وحنق (جبار):
" لذا فالمهمة بكل بساطة، تدمير تلك الجماعة عن آخرها، وقتل قائدها ( بدر الـ....."
قاطعه (جبار) فى غضب:
" وإذا رفضت؟!"
عاد القائد إلى لهجته العسكرية الصارمة وهو يقول:
" طبقا لقوانين قوات التحالف فإن الحكم على من يعصى الأوامر الحربية فى حالة الحرب واضح وصريح...الإعدام رميا بالرصاص! "
تبادل الأثنان نظرات غاضبة متحدية قبل ان يعتدل (جبار) بغتة ويقول فى صرامة:
" علم وسينفذ "
برقت عينا القائد وهو يقول:
"حسنا... يمكنك الأنصراف أيها العقيد"
أدى (جبار) التحية العسكرية قبل أن يغادر الحجرة ويغلق الباب خلفه فى حين ابتسم القائد ابتسامة تحمل خبث وشراسة الدنيا كلها...
ابتسامة ذئب...
ذئب أمريكى.
***********