الرائحـــة
أندس وسط الزحام الذي يملأ الميدان الكبير الذي يحتل مساحة ليست بقليلة في قلب المحبوبة الأولى "القاهرة".. سأل عن المبنى الضخم الذي يسمى باسم الميدان «مجمع التحرير» أشار له أحد الذين مر عليهم بسؤاله الغبي.. وجده أمامه.. دخل.. هاجمته رائحة ليست غريبة عليه أو على أنفه جعلته يتقزز ويريد أن يتقيأ ما تناوله هذا الصباح. نفس الرائحة تسكن أنفه منذ نعومة أظافره.. استنشقها في مكتب ناظر مدرسته الابتدائية وكذلك وكيله.. وصاحبت أنفه في المدرسة الإعدادية والثانوية والجامعة أيضاً.. وحتى تلك المساحة الزمنية الممتدة ما بين إنهاء دراسته وبين استلامه للعمل لم تتخل عنه تلك الرائحة.. فوجدها تهاجم أنفه في ديوان مديرية التربية والتعليم عندما أخبروه بالحصول على فرصة عمل وقبلها في ديوان مديرية القوى العاملة، وكذلك وجدها في مكتب السجل المدني عندما ذهب لاستبدال بطاقته ومهنته من عاطل إلى موظف حكومي.. وفي كل مرة يشم فيها هذه الرائحة يشعر بأنه يريد أن يتقيأ.. ولا يحدث.. نزل من المبنى الضخم بعد إنهاء أوراقه.. عند الباب الخارجي له هاجمته الرائحة مرة
أخرى ولكن بوحشية أعظم مما سبق خرج سريعاً... أنزوي جانبا وعلى إحدى
حوائط المبني.. تقيأ أخيراً.
أخرى ولكن بوحشية أعظم مما سبق خرج سريعاً... أنزوي جانبا وعلى إحدى
حوائط المبني.. تقيأ أخيراً.